رام الله -(خاص)شاشة نيوز - تقرير منجد أبوشرار- "أنا مع انتفاضة المرأة في العالم العربي لأنني مع المساكنة دون شرط للزواج".. " لأن حجابي قراري، ليس قرار أبي ولا عمي ولا المجتمع".. "لأنني سئمت من أمة ترى الحياة بين ساقين وتختار الفروسية في معارك غشاء البكارة وتبقى مكتوفة الأيدي أمام الاحتلال والتحرر من حكومات الذل والهوان".
كلها شعارت لـ"ثورة" أو "انتفاضة" من نوع آخر، أنثوية هذه المرة.. رفعتها مجموعة من الشابات والشبان عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك؛ للمطالبة بـ"تحرر المرأة العربية".
هُنّ شابات من عدة دول عربية: "يالدا يونس، وديالا حيدر من لبنان، سالي الزهني من مصر، فرح برقاوي من فلسطين"، جمعتهن أفكار مشتركة تحت شعار "معاً من أجل نساء ينعمن بالحرية، الاستقلالية، والأمان في العالم العربي."
حرية السكن، والقرار، والزواج.. الحق في الطلاق الاستقلال، التعلم والعمل، والتصويت والترشيح والإدارة، والتملك، المساواة في حضانة الأولاد، وفي العمل وفي المجتمع، والحماية ضد العنف الأسري.. كلها غيض من فيض حقوق تطالب بها آلاف الناشطات من خلال صفحة "انتفاضة المرأة في العالم العربي" التي يزيد عدد أعضائها عن 35,000 عـضو ويزداد كل يوم بالمئات.
المشاركة الفعالة والمباشرة في هذه الصفحة من قبل المئات -ربما- تأتي على شكل صور شخصية يرسلها الاعضاء وكل منهم، شابات وشبان، يحمل ورقة يوضح فيها مبررات تأييده لهذه "الانتفاضة" ودوافعه الشخصية.
فرح برقاوي، وهي من المشاركات الفلسطينيات في الصفحة، توضح لـ"شاشة نيوز": حملة "أنا مع انتفاضة المرأة في العالم العربي" تهدف لتسليط الضوء على التمييز ضد المرأة في عالمنا العربي على كافة المستويات، إيماناً منا بأن الوعي بالظلم الواقع علينا هو الخطوة الاولى نحو رفع هذا الظلم عنا كنساء، وتشكيل نواة عمل نضالي نسوي مشترك، تتخطى حدود الدول وتبني على الخبرات المشتركة.
وتابعت برقاوي: من أهدافنا أيضا، إعادة فتح النقاش على شبكات التواصل الاجتماعي حول وضع المرأة، سيما بعد الهجمة المرتدّة التي تعرضت لها بعد نجاح الثورات في اسقاط الأنظمة البائدة، بالإضافة إلى إيجاد شبكة تضامن إلكترونية بين ناشطات وناشطين من مختلف الدول العربية للتنسيق من أجل العمل على مبادرات مشتركة تنتقل من العالم الافتراضي الى أرض الواقع.
وحول ما إذا كان للمجموعة نشاطات على الأرض، قالت برقاوي: ليس لدينا -بعد- أنشطة على أرض الواقع لكن لدينا خطط مستقبلية تتضمن التعاون مع بعض المؤسسات التي تعنى بالمرأة على أرض الواقع كما لدينا خطط أخرى لا يمكننا الكشف عنها الآن.
اما الناشطة ديالا حيدر قالت لـ"شاشة نيوز": أطلقنا هذه الحملة لأننا لم نرد أن يجهض الربيع العربي، بعد أن نجحت أغلب الثورات في الاطاحة بطغاتها، طفت على السطح مشاكل عديدة، الكثير منها يتعلق بوضع المرأة، شعرنا بأن المرأة وعلى الرغم من الدور القيادي الذي لعبته في الثورات، همشت وأقصيت من قبل الثوار أنفسهم.
تضيف ديالا: يبدو لنا الافق ملبدا بالغيوم، لكننا رفضنا الاستسلام للهزيمة وقررنا ركوب الموجة حتى بلوغ هدفنا، علينا نحن النساء أن نكمل تلك الثورات، لا أولويات مزعومة لنخضع لها، لا رقابة ذاتية، ولا مساومة على حقوقنا، إما أن تكون الثورات كاملة بنا أو لا تكون، علينا أن نكمل الاطاحة بالذكورية التي تجعل من كل رجل ديكتاتورا في بيته على زوجته وابنته واخته وحتى على امه، شعرنا بأهمية التقاط هذه اللحظة المفصلية من تاريخنا لطرح كل القضايا المتعلقة بحقوق المرأة.
من جهتها، الفتاة "م.ن" من فلسطين، مشتركة في هذه الصفحة، كانت ترتدي الحجاب إلا أنها خلعته، تقول: "لم أترك الحجاب بالخفية، أنا مش مستحية من حالي، أنا لست متدينة، الحجاب فقد معناه بالنسبة لي منذ فترة، فعلياً أنا خلعت الحجاب من أكثر من سنة، القماشة هي ما تخلصت منها مؤخرا فقط".
والمتابع لتعليقات الفيسبوكيين يجد أن هذه الظاهرة تثير جدلا بين من يؤيدها يراها "تحررا مشروعا" من معيقات تقف حائلا أمام النساء في النهوض والتقدم والحياة، وبين اخرين يعتبرونها "انقلابا على الدين والعادات والتقاليد وأفكار دخيلة على مجتمعنا الشرقي المحافظ" فيما ذهب البعض إلى حد أبعد بالقول انهن "نساء عوانس لا يجدن ما يشغلهن ".!!!
وتتخوف كثير من النساء العربيات، ومنظمات حقوقية ومنظمات المجتمع المدني ان يؤدي صعود التيارات الاسلامية ونجاحها في صناديق الاقتراع الى تراجع الحريات الشخصية ، وحقوق المرأة على وجه الخصوص . في مصر مثلا تظاهرت النساء في القاهرة احتجاجا على نية الجمعية التاسيسية للدستور والتي يهيمن عليها الاسلاميون ادخال تعديلات جوهرية على قانون الاحوال الشخصية ، ومنها عدم تحديد سن للزواج، وعدم تجريم التحرش بالمرأة .
على أية حال، تبقى "انتفاضة المرأة العربية" المشتعلة في فيسبوك اثراً رسمته رياح الربيع العربي التي لمّا تضع اوزارها بعد، ولما تتجلى اثاره بوضوح، لكنّ السؤال يبقى على مصراعيه مفتوحاً؛ فيما اذا كانت "ثورة بنات العرب" هذه ستجد طريقها -هي الأخرى- الى الشارع أم انها "ستوأد" في صفحات الانترنت.