رام الله- منجد أبو شرار- تعتبر قضية اجهاض الأجنة المشوهة من بين
القضايا الجدلية التي تثير رأي المهتمين في الشارع الفلسطيني، خصوصاً مع تزايد
نسبة الأجنة المشوهة ابان الحرب الأخيرة على قطاع غزة وهذا ما أكدته وزارة الصحة
في القطاع، بالاضافة إلى تكرار العديد من حالات تشوه الأجنة المتشابهة، ولا ننسى
ظاهرة زواج الأقارب التي تتسبب في العديد من حالات التشوه لدى الأجنة.
"مجتمعنا الفلسطيني لا يرحم أحد"
هذا ما قالته أم انس35 عام من الخليل، تقول إنها أجبرت على اجهاض جنينها بعد أن
أكدت الفحوصات الطبية المتكررة إصابته بمرض البلاهة المنغولية، "أجهضته خوفاً
من كلام الناس وما سيجره لنا من سمعة سيئة في كنف مجتمع لا يحترم الأفراد ذوي
الاحتياجات الخاصة بل يجعل منهم عيباُ وعاراً على أهلهم وكأنهم هم من أرادوا
لابنهم تلك الاعاقة، على الرغم من أنه ليست هناك علاقة قرابة تذكر بيني وبين زوجي،
إلا أنه قدر الله".
لا يختلف حال أم فضل47 عاماً كثيراً عن أم
أنس، أم فضل وهي أم لطفلين معاقين عقلياً أجهضت جنينها الثالث خوفاً من أن يكون
مريضاً كإخوته الذين سبقوه، تقول: "لم يكن أمامي الكثير من الخيارات، لقد
عانيت كثيرا وما زلت أعاني من العناية
بأطفالي لضعف تعاونهم معي، أنصح كل الشباب والفتيات أن يتجنبوا زواج الأقارب الذي
أحال حياتي إلى كابوس مزعج، وأن يهتمو كثيرا بفحوصات ما قبل الزواج".
الإفتاء: مسموح بشروط
يقول مفتي محافظة رام الله والبيرة الشيخ
ابراهيم خليل عوض الله: بشكل عام لا يجوز اجهاض الأجنة بغض النظر عن عمر الجنين،
إنما يفتى بجواز الإجهاض في حالات خاصة جداً تدرس بكل تفاصيلها، وهناك شرطان
أساسيان في قضايا الإجهاض، الأول وهو وجود درجة عالية من الإعلاقة لدى الجنين تنتفي
إمكانية علاجها بالاستناد إلى فحوصات طبية مؤكدة وهو ما نقوم به بالتعاون مع وزارة
الصحة الفلسطينية، أو أن تستحيل حياة الجنين بشكل يمكنه من العيش بشكل سليم،
والثاني أن لا يتجاوز عمر الجنين مدة 120 يوم أو أربعة أشهر وهذا لا يعني جواز
الاجهاض في فترة ما قبل اتمام ال120 ما لم يتوفر عذرا محلا يستدعي النظر في عمر
الجنين.
ويضيف عوض إن تم اكتشاف التشوه بعد نفخ
الروح في حياة الجنين فلا يجوز اجهاضه مطلقاً، ولو كان موته متوقعاً بعد ولادته
على الغلبة، إلا في حال حال كان بقاء الجنين يشكل خطرا حقيقياً على حياة أمه؛ لأن
استبقاء حياة الأم القائمة أولى لتحقق وجودها مقارنة مع حياة الجنين المظنونة، وإن
لم يتم اكتشاف التشوه لعدم امكانية معرفة ذلك إلا بعد نفخ الروح، فيجوز عند بعض
العلماء الأقدمين الاجهاض وهذا ما أقرته المجامع الفقهية المعتبرة ولجان الفتوى
الطبية المتخصصة.
الكنيسة تحرم بشكل
قاطع
وحول موقف الديانة المسيحية من اجهاض الأجنة
المشوهة، يقول الآرشمندريت الياس عواد من كنيسة الروم الأرثوذوكس-رام الله: إن
الكنيسة تحرم الإجهاض سواء أكان الجنين سليماً أو مشوهاً، بل وتعتبر فعل الإجهاض
خطيئة كبرى، وحتى لو كان الجنين مصاباً بدرجة عالية من التشوه والإعاقة فلا يجوز
اجهاضه لأنه بكل الأحوال عطية الله ويجب أن نرعاها نحافظ عليها.
ويضيف عواد يجب أن لا نراهن على الفحوصات
الطبية لأنه غالبا ما يخطئ الأطباء في تشخيص حالات الإعاقة ودرجتها لدى الأجنة،
ويجوز الاجهاض في حالة واحد وهي أن يشكل استمرار الحمل خطراً على حياة الأم قد
يفضي بها إلى الموت.
اتحاد المعاقين: درجة
التشوه المسموح بها
ويقول رئيس الاتحاد الفلسطيني العام
للأشخاص ذوي الاعاقة عبد الحميد عاصي: إذا وصل الجنين مرحلة الحياة فلا يجوز لأحد
أن يحرمه حقه في الحياة الذي منحه الله له، أما إذا أثبتت الفحوصات الطبية وجود
درجة عالية من التشوه أكثر من60% عندها لا مشكلة في الإجهاض، كما وأكد عاصي على
اهمية الفحوصات الطبية التي يتوجب على الزوجين القيام بها للتقليل من فرصة ولادة
أطفال وأجنة مشوهين.
ويبدو أن القانون الفلسطيني قانون العقوبات
1960 يتفق إلى حد ما مع الموقف الرافض لعملية اجهاض الاجنة، إذ نصت المادة 321 من
قانون العقوبات على أن: " كل امرأة اجهضت نفسها بما استعملته من الوسائل او رضيت بأن يستعمل لها
غيرها هذه الوسائل ، تعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات".
0 التعليقات:
إرسال تعليق
التعليقات تعبر عن وجهة نظر أصحابها فقط .