الخليل- منجد أبو شرار- "فلسطيني والبين
لاطيني" أجزم أنها لم تات من فراغ، الاحتلال الاسرائيلي يعاقب تجنياً على كل
شيء، من ذلك أنه قد يعاقبك على موقع منزلك أو تصميمه القائم قبل أن يعرف أجداده أين
تكون فلسطين وفي أي اتجاه.
على بعد نحو60 متراً
من الحرم الابراهيمي الشريف شاءت الأقدار أن يبنى منزل السيدة "أم معتز"
المحتسب. السيدة المحتسب جعلت من منزلها ممراً امناً، بل معبراً فلسطينياً،
وبطبيعة الحال تحت سيطرة الاحتلال الاسرائيلي، بالتأكيد ليس معبراً تجارياً، بل
معبراً لطلاب مدارس البلدة القديمة في الخليل الذين يمنعهم الاحتلال من الوصول إلى
مدارسهم أو العودة إليها.
تقول السيدة المحتسب:
منذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 دأب الاحتلال الاسرائيلي على إغلاق طريق الحرم
الابراهيمي الذي يمر منه طلاب مدارس البلدة القديمة في الخليل ذهابا واياباً،
وتتفاقم المشكلة في فترات منع التجول والأعياد اليهودية، النتيجة كانت أن المدارس
تفتح أبوابها ولا يتمكن الطلاب والمعلمين من الوصول إليها ومنهم أبنائي، يداومون
يوماً ويتعطلون عشرة، مما انعكس على مستواهم في الدراسة بصورة سلبية، حتى أن أحد
أبنائي ما زال يواجه صعوبة في القراءة لهذا اليوم.
الباب..رحلة عذاب
في تلك الفترة كانت
سلطات الاحتلال أغلقت أحد أبوب المنزل الذي يفضي إلى منطقة "السهلة"،
تقول السيدة المحتسب: بعد أن هاجم المستوطنين أبنائي بالسكاكين أثناء ذهابهم إلى
المدرسة فتحنا "باب السهلة" الأقرب لمدارسهم والأكثر أمنا، وهو ما لم
يرق لسلطات الاحتلال. خَيَّرونا بين اغلاق أحد الأبواب، إما "باب
السهلة" الذي يصل إلى مدارس الطلاب، أو "باب السوق" الذي يربطنا
بالمدينة ومنطقة "باب الزاوية"، هددتنا الشرطة الاسرائيلية يتحميلنا
المسؤولية عن أي عملية فدائية تحدث في المنطقة، إلا أن إصرارنا حال دون اغلاق
الباب.
تقول السيدة المحتسب:
"ما يقارب الثمانين طالباً وطالبة كانوا يمرون من المنزل في فترة الاغلاقات،
طلاب حارة "بني دار" و"سوق اللبن" يعبرون من منزلنا إلى مدرسة
طارق بن زياد ومدرسة الفيحاء والمدرسة الابراهيمية، وعلى الجهة الأخرى يعبر الطلاب
إلى المدرسة اليعقوبية ومدرسة خديجة عابدين ومدرسة تيسير مرقة، وهكذا دواليك، هنا
المسافة التي يقطعها الطلاب ليس أكثر من 20 مترأ"عرض الشارع فقط"، أما
في حال أنه لم يتمكن الطلاب من العبور الى مدارسهم من خلال منزلنا فسوف يقطعون مسافة
تقرب من 6 كيلومترات "يمرون طريق الحاووز والضاحية حتى يصلوا إلى
مدارسهم"، وهذا ما كان يحدث بالفعل قبل أن نقوم بفتح "باب السهلة"؛
الأمر الذي قلل إلى حد بعيد من معاناة أبنائنا الطلبة".
السلم لم يسلم
في بداية الأمر
استخدمت عائلة المحتسب سلماً خشبياً للنزول إلى الشارع عبر"باب السهلة"،
كانت نساء الحارة تتناوب على وضعه في الصباح ورفعه إلى المنزل في المساء،
المستوطنون سرقوا السلم!. عائلة السيدة المحتسب اشترت سلماً خشبياً جديداً، وكثيراً
ما رمى المستوطنون السلم بعيداً عن المنزل، بل ويقذفون الحجارة على كل من يمر في
المنطقة؛ بغية تعطيل وصول الطلاب إلى مدارسهم وتهديد أمن المارة.
وتستذكر السيدة المحتسب عندما أخذ المستوطنون
السلم الخشبي إلى منطقة "الحسبة" إلى أن أحضره أفراد مجموعات السلام
الفاعلة في البلدة، السلم الحديدي الظاهر في الصورة أيضا له حكاية، تقول السيدة
المحتسب: قدمنا ما يقارب العشرة طلبات للجنة اعمار الخليل حتى جهزوا لنا السلم
الحديدي الحالي، على الأقل السلم الحديدي ثابت وثقيل لا يستطيع المستوطنين سرقته
أو اتلافه حسبما تقول المحتسب.
"أين الولد"؟
تشتكي السيدة المحتسب
من كثرة تفتيشات الاحتلال المفاجئة لمنزلها؛ تقول: عندما يطلب جنود الاحتلال من
طلاب المدارس القدوم إليهم يهربون؛ خوفاً من أن يضربهم الجنود أو أن يعرضوهم
للاهانة وما أكثر أشكالها!؛ طريق الهرب حتماً سيمر من منزلنا، لحطات تفصل بين مرور
الطلاب وبين اقتحام جنود الاحتلال للمنزل، تتعالى صرخات الجنود" أين
الولد..أين الولد"، هنا يكون الطالب قد خرج من الباب الآخر ووصل إلى بر
الأمان، هذا الأمر على حد تعبير المحتسب "يسلبنا الشعور بالامن والاستقرار في
منزلنا".
تقول السيدة المحتسب:
إلى يومنا هذا ما يزال منزلنا يفتح أمام طلاب المدارس والمعلمين العاملين البلدة
القديمة في حال أغلقت سلطات الاحتلال طريق الحرم، ولن نسمح لقرارت الاحتلال
الجائرة بأن تجعل من أبنائنا جيلا جاهلاً.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
التعليقات تعبر عن وجهة نظر أصحابها فقط .